الاتحاد البرلماني العربي

مع مرور خمسين سنة على ولادته سنة ١٩٧٤م

تنظيمات – منظمة كبرى ووجود هامشي

36

تنظيمات

في أجواء ما بعد حرب تشرين أول / أكتوبر ١٩٧٣م، كان تأسيس الاتحاد البرلماني العربي وسط التمنيات بتعزيز التعاون بين الدول العربية، وكان ذلك خطوة جريئة بالنظر إلى أن الأنظمة العربية جميعا لا تعتمد على وجود صلاحيات دستورية فاعلة للهيئات النيابية، التي تقوم إما على التعيين المباشر من جانب رأس السلطة التنفيذية أو من خلال عمليات مشبوهة تحت عنوان انتخابات، هي أقرب إلى التزييف منها إلى تمثيل الإرادة الشعبية وسيادتها الدستورية على السلطة التنفيذية تخصيصا، وفي سائر الأحوال تبقى المجالس النيابية دوما تحت طائلة الحلّ المفاجئ بسبب ودون سبب، مع استبقاء الصلاحيات التشريعية تحت سيطرة السلطة التنفيذية.

بدأت النشأة الأولى للاتحاد البرلماني العربي بتمثيل الهيئات النيابية من عشرة دول عربية ووصل ذلك تدريجيا إلى تمثيل ١٧ دولة عربية سنة ١٩٩٨م، ويقول الموقع الشبكي الرسمي للاتحاد إن عدد المجلس الأعضاء فيه بلغ ٢٢ مجلسا أو شعبة عضوا، أي ما يمثل جميع الدول العربية، ولكن لا يوجد في الموقع ما يبين شروط العضوية وكيفية اكتسابها، وغير ذلك مما يعتبر جوهريا في مثل هذه المنظمات العابرة للحدود السياسية.

 خلال حقبة زمنية امتدت زهاء خمسين سنة منذ نشأة الاتحاد الأولى، صدرت عنه مواقف إيجابية ولكن بقيت حبرا على ورق لا تتجاوز عقبات كأداء في وجهها، أبرزها مظاهر الانقسام العربي إلى درجة القطيعة بل الاقتتال أحيانا.

وكان تأسيس الاتحاد البرلماني العربي في مؤتمر انعقد في دمشق من ١٩ إلى ٢١ حزيران / يونيو ١٩٧٤م، واعتبرت دمشق مقرا رئيسيا له، ولكن العنوان الرسمي للاتحاد حاليا في بيروت عاصمة لبنان. وكان التأسيس تلبية لدعوة مشتركة من مجموعات نيابية تطلعت إلى تحقيق أهداف متميزة، ومنها:

١- تعزيز التعاون والتنسيق البرلماني بين الدول العربية.

٢- تبادل الخبرات والتجارب في المجال البرلماني والتشريعي.

٣- تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي.

٤- دعم القضايا العربية المشتركة، مثل قضية فلسطين.

٥- التنسيق مع المنظمات البرلمانية الدولية لتحقيق المصالح العربية.

وهي أهداف وجدت تعديلات طفيفة بصياغتها، دون تعديل جذري، وهذا مع نمو عدد الأعضاء، ومع بقاء مواقف الاتحاد في حدود مواقف إعلامية استعراضية تفتقر إلى التأثير الفعلي على أرض الواقع.  

ولا يستغرب ذلك عند الإشارة إلى أن الاتحاد مرآة عاكسة لواقع المجالس النيابية المحلية في البلدان العربية، وواقع الاختلافات السياسية القائمة، بل هو مرآة عاكسة أيضا للأسلوب المتبع بيروقراطيا من خلال أجهزة إدارية ضخمة بمردود ضعيف. 

وقد واجه الاتحاد البرلماني العربي ولا يزال يواجه العديد من التحديات التي تتطلب أن يكون فعالا ومؤثرا ولكن لا يبدو أن إصلاح وضعه قابل للتحقيق دون إصلاح الأوضاع القائمة في البلدان العربية نفسها.

وأستودعكم الله وأستودعه بلادنا وشعوبنا ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب