استراحة – أوباما في حوار مع عشاقه

– أضحك الله سنّكم، مدحت ماضي المسلمين فحسب.. أتريدون لي أن أصبح مثلكم؟

44

يتزامن نشر الكلمات التالية في هذه الإصدارة من مداد القلم مع رحيل أوباما عن السلطة الرئاسية، وهي كلمات منشورة في منتصف عام ٢٠٠٩م عقب استلامه لها بفترة وجيزة

. . .

لو جرت مسابقة بين سواح العالم فلا أشك لحظة واحدة في فوز أقلام لا حصر لها امتهنت السياحة في عالم الخيال وتفوقت فيما تبتكره على أولئك المتفرغين لكتابة قصص الأفلام الخيالية لآلة هوليوود السينمائية مِن قبلِ عباقرة التنبؤات المستقبلية مثل جول فيرن، ومن بعد عباقرة شذوذ الخيال البشري كالذين ابتكروا شخصية مصاص الدماء دراكولا أو فكرة "الأموات الأحياء" – تسومبي! – وآخر ما وصلت إليه أقلام السياحة الخيالية تلك، كان من وحي ما ابتكره لها عبقري تجديد السياسة الأمريكية القديمة الحديثة.. باراك حسين أوباما.

لقد أثبتوا قدرتهم في التفوق على توقعاته مهما كانت بعيدة الآفاق، وتفسير كلماته مهما كانت واضحة الحروف، وتصوير وعوده حقائق مجسدة على الأرض مهما كانت ضبابية الصياغة.

ولكن أقلام الخيال تتعامل مع واقع قائم حولها، له لغة أخرى غير لغتها بلسان أمريكي بيّن، وتتحدث فيه أرواح الشهداء ومشاهد الضحايا وأنين إصاباتِ مَن مزقتهم القذائف وصخب الفوضى الهدّامة بأرض فتكت بها الحروب.. فاستمعوا معي إلى أصحاب تلك الأقلام الخيالية المبدعة في تساؤلاتهم محاورين أوباما، على أمل أن يؤكدوا مصداقيتهم أمام شعوب لا ترحم، ويثبتوا إخلاصهم لقضايا تأبى الموات والتصفية!

. . .

– يا أوباما.. سمعنا منك أقوالا كثيرة فأين الأفعال؟

– لا تظلموني، فأفعالي سبقت أقوالي، وزيادةُ عدد جنودي في أفغانستان شاهد عليها، ومليونان ونصف مليون مشرد في باكستان شاهد أبلغ وأوضح!

– يا أوباما.. سمعنا منك وعودا كثيرا فأين تنفيذها؟

– قد بدأت التنفيذ قبل أن تسألوني، ألا ترون التزامي بما التزم به بوش والمالكي في العراق باسم اتفاقية أمنية، أليست أفضل مما وعدت به من انسحاب وشيك؟

– يا أوباما.. متى تغلق جوانتانامو فعاره عليك كبير وعلينا أكبر؟

– لا تزيدوا حرجي حرجا.. ألا ترون أنني أطرق كل الأبواب لنقلِ مَن لم ينفع التعذيب في إثبات أي تهمة عليهم، إلى بلاد غير بلادهم، تقبل وجودهم فيها تحت الرقابة حتى الموت؟

– يا أوباما.. كل هذا فهمناه وقبلناه.. ولكن إلى أين تمضي مع إيران؟  

– اطمئنوا.. مهما صنعت معها، فلن أصل به إلى ما وصلت به بلادي معكم، ومن حقي أن أحلم بوجودكم جميعا من ورائي، وسيان بعد ذلك هل تتعانقون أم تتقاتلون..

– يا أوباما.. أما فلسطين فنشكرك باسمها على ما تقدمه عن طيب خاطر!

– أخجلتم تواضعي، فما صنعت ما تستحقونه بعد.. متاهة الطريق سبقتموني إليها، ولعبة الدولتين أتقنتموها وعلمتموني إياها، ولعبة القط والفار مع مستعمرات ومستوطنات ومغتصبات شرعية وعشوائية، وقديمة وجديدة، وكبيرة وصغيرة، لعبة عتيقة، وأنا على عهد أسلافي كما تحبون.. فلن أشوّش عليكم ولن تتبدّل الأدوار بيني وبينكم.. أبيع بضاعة كاسدة وأنتم تروّجونها.. ألا ترون أنني بكلمة واحدة ألقيتها عليكم، صنعت لكم ما يشغلكم لسنين عديدة؟

– نشكرك يا أوباما.. ونستسمحك بسؤال أخير: سمعناك تمدح الإسلام كثيرا.. فهل ستعتنق الإسلام؟

– أضحك الله سنّكم.. مدحت ماضي المسلمين فحسب.. أتريدون لي أن أصبح مثلكم؟

نبيل شبيب