ميلاد المسيح ورأس السنة

متى يتبرأ المسيحيون من التناقض الفاجر مع الواقع العدواني

تحليل – صانعو الحروب العدوانية هؤلاء لا ينطلقون من دين سماوي ولا شرعة وضعية أرضية ولا إرادة شعبية

101
نخلة

تحليل

المسلم يُخضع علاقته بالآخر لتعاليم دينه فقط، في حالة الحرب وحالة السلم، وحالة العداء وحالة الودّ، ولا يخضعها لإرادة فريق من البشر، يستغلون مواقعهم المهيمنة على صناعة القرار لممارسة العدوان وتأليب عامة أهل بلادهم من ورائهم إن استطاعوا، فإذا انطلق المسلم من ردود الفعل على هؤلاء وما يرتكبون من موبقات، حقق قسطا كبيرا من أهدافهم، وجعل الأرض ساحة صراع همجي مرفوض، بدلا من تعارف بشري مفروض.

إن ممارسات العداء وصلت إلى مستوى حروب الاحتلال الهمجي، واغتصاب أراضي المسلمين، كما وصلت إلى صلب الفروض الدينية والتصورات الإسلامية، كما ينعكس في الحملة المسعورة على البقية الباقية منها في مناهج التعليم، أو ينعكس في تسليط سلاح القانون على حجاب المسلمات في بلدان إسلامية وغربية، أو في الإساءات المتكررة للإسلام والمسلمين؛ جميع ذلك يولد تلقائيا مشاعر النقمة، ويمهد الطريق أمام دعوات التشدد، ويقيم المزيد من العقبات أمام الدعوة إلى الحق والعدل والخير والهدى والتحرر والتقدم بالحكمة والموعظة الحسنة، والتزام نهج الوسطية والاعتدال، ناهيك عن العض بالنواجذ على الإسلام كما أنزله الله، بكل ما فيه من رحمة للعالمين، وعدالة مستمدة من شرع الرحمن، وتسامح لا ينفصل عن بقية منظومة أخلاق الإسلام وقيمه وأحكامه.

ولا يعني تأكيد ذلك بحال من الأحوال إسقاط حق مقاومة العدوان والتصدي له، والدفاع عن الحق والأرض، بل والدفاع عن الإنسان جنس الإنسان. إنما نجدد تذكير أنفسنا  بنوعية العلاقة المطلوبة مع العامة من البشر، بمن فيهم أهل الكتاب، لا سيما النصارى.

إن علاقتنا بهم لا تتناقض ولا ينبغي أن تتناقض مع واجب حتمي على صعيد مقاومة الهيمنة وعسكرتها، فلا ينبغي ربطها بحالة الحرب التي يشنها صانعو القرار في هذا البلد أو ذاك من بلدان يسيطر حكم المادة عليها، فنزيد دائرة العدوان اتساعا بدلا من دعم الرافضين لتلك السياسات والممارسات العدوانية، من جنس الإنسان بغض النظر عن الانتماء. يسري هذا تخصيصا لأن صانعي الحروب العدوانية هؤلاء لا ينطلقون من دين سماوي ولا شرعة وضعية أرضية ولا إرادة شعبية.

في سائر الأحوال يجب علينا من منطلق إسلامنا نفسه، ويجب علينا من منطلق الواقع وتوظيفه لخدمة الحق والمصلحة المشروعة، أن نجعل علاقتنا بعامة أهل الكتاب، قائمة على ما يمليه علينا إسلامنا، وما نستوحيه من النصوص القرآنية ومن تعامل الرسول صلى الله عليه وسلّم مع أهل الكتاب في عصر النبوة.

هذا بالذات ما يثبته لنا القرآن الكريم ويحذرنا من الانزلاق إلى سواه بتأثير الضغوط وبالتالي ردود الأفعال، كما في قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ – المائدة: ٨

وقوله تعالى:

لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – الممتحنة: ٨ و٩-

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب