مقالة – متى يسقط طاغية سورية السفاح؟

لا يزال أمام الثوار في سورية أن يضيفوا إلى بطولاتهم وإنجازاتهم المزيد في ساحة المواجهات السياسية أيضا

82

متى يسقط الطاغية السفاح؟
انتهت جميع المظاهر المزورة لوجوده كحاكم، وظهر لكل مكابر أنه مجرّد رئيس عصابة مسلّحة بالأسلحة الثقيلة ومدعومة من جانب عصابات أكبر دوليا.. ولم يسقط بعد، بل ما زال يمارس مهنته: التقتيل والتدمير والتشريد والاعتقال والتعذيب والتجويع. 
لم تعد العصابات التي يقودها قادرة على أكثر من ارتكاب الجرائم الحربية والجرائم ضدّ الإنسانية بمعظم أصنافها، وهي تعلم علم اليقين أنّ ذلك لن يغيّر من مسار الثورة المنتصرة بإذن الله، ولن يتوقف ارتكاب العصابات للجرائم، فهي تعلم علم اليقين أيضا أن توقفها يعني استسلامها، وأنها لن تفلت بذلك من العقاب في هذه الحياة الدنيا قبل الآخرة. 
لم يعد يمكن الاعتماد على رئيس العصابة عميلا لأي قوة دولية، ورغم ذلك لم يتخلّ عنه داعموه وداعمو عصابته من خارج الحدود، كذلك لم يتحرّك ضدّه تحركا جادّا من يقولون بألسنتهم إنهم أعداؤه وإنهم أصدقاء الشعب، ولن يتحرّكوا ما داموا يعلمون أنّ ما سيأتي بعده لن يحقق مطامعهم كما يريدون، ولن يعطيها الأولوية على مصالح الشعب والوطن والأمة والإنسانية. 
رغم ذلك.. سيسقط السفاح وتتبدّد عصاباته وينتصر الحق على الباطل.. سيسقط عندما تصل الثورة إلى مستوى إسقاطه بإمكاناتها الذاتية، وما تقدّمت الثورة على الأرض حتى اليوم إلا بإمكاناتها الذاتية. 
انطلقت شعبية عفوية وانتشرت وحققت انتصارات متوالية.. أما انتصارها الحاسم فيأتي بتحقيق شروطه، ومنها ما تحقق على أعلى المستويات، عقيدة وتصميما وبسالة وتضحية وبطولة، ومنها ما تحقق جزئيا أو لم يتحقق بعد. 
بقي ليتحقق النصر أن تظهر معالم ما سيحلّ في سورية عبر النصر، وهو ما يوصف عادة بالبديل، ومن المستحيل أن يظهر "البديل" إذا اقتصر البحث عنه بحيث يتوافق مع التصورات والرغبات والشروط التي يطرحها من يعتبرون أنفسهم أعداء أو أصدقاء، فلا بدّ من صناعة البديل السوري الوطني الثوري القائم على الإمكانات الذاتية، ليفرض نفسه على الأعداء والأصدقاء، مثلما صنع مسار الثورة حتى الآن بإمكاناتها الذاتية، المحدودة بمقاييس السياسة التقليدية، الضخمة الفاعلة بمعايير التغيير وفق منطق التاريخ وصناعة تحوّلاته الكبرى. 
وسيصنع البديل بإذن الله الثوار.. من خلال تلاقيهم على صناعته، وتخلّيهم عما يسبّب اختلافات في التصوّرات الآن، وتأجيلها إلى ما بعد استقرار البديل.. أي استقرار دولة سورية الثورة بوجهها المتميز. 
وسيساهم في صناعة البديل السياسيون.. بشروطيعرفونها، ولم تتوافر إلا لنسبة محدودة منهم. 
منهم من يعمل لبديل يقبله الغرب والشرق.. العدو والصديق.. القوى الدولية والإقليمية، وكأنهم لم يستوعبوا أن هذا التصوّر أو هذا النهج بالذات هو ما ساد عبر عشرات السنين الماضية، وقضت الثورة عليه، فمن يتشبّث به اليوم يساهم من حيث يريد أو لا يريد في إطالة الأيام الباقية من عهد السفاح وعصاباته، وفي كل يوم مزيد من الشهداء والمشردين والجرحى والدمار والمعاناة. 
من أراد النصر من السياسيين مع الثوار المسلحين والمدنيين فليعلم أنّ الوطن فوق الحزب السياسي، وأن الكفاءة فوق المحاصصة، وأن التفاوض والحوار والاتفاق مع السياسي السوري المنافس ومع الثوار والشعب أهم وأجدى وأوجب من التفاوض والحوار والاتفاق مع أي جهة إقليمية أو دولية دون استثناء. 
من أراد النصر فليعلم أن للنصر شروطه، ولا يزال أمام الثوار أن يضيفوا إلى بطولاتهم وإنجازاتهم المزيد، ليس في ساحة المواجهة المسلّحة فقط، بل في ميادين التنسيق والتعاون والتكامل والتسامح أيضا.. ولا يزال أمام السياسيين الكثير ليتخلوا عنه والكثير ليعملوا بموجبه، فمن لا يحقق ما تعنيه كلمة الوحدة الوطنية اليوم لن يستطيع أن يكون شريكا لحكومة وحدة وطنية في مرحلة انتقالية ولا بعد المرحلة الانتقالية.. لن يكون شريكا في بناء سورية الثورة وفق أهداف الثورة ومتطلبات الحاضر والمستقبل. 

نبيل شبيب