لا يمنع التشريد سوى تحرير الوطن

بين صناعة التحرير ولوم المشردين

خواطر – لا يستقر أمن جماعي دون عمل جماعي في مواجهة عدو همجي تدعمه قوى همجية، إقليمية ودولية

118
مشردون عن سورية

خواطر

نشر يوم ١١ / ٩ / ٢٠١٥م في الجريدة الثورية السورية صدى الحرية – قدسيا

ما أقبح أن يستسهل أحدنا أن يقول وهو يعيش خارج سورية ككاتب هذه السطور: يا أيها المشردون عن سورية، لا تفرغوها لمن يعمل على تشريدكم وتوطين غيركم مكانكم لأغراض عدوانية دنيئة، في عملية احتلال استيطاني يستخدم البراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية والتعذيب في المعتقلات.

بعض من يملؤون بهذا التحذير وأمثاله العالم الافتراضي يعيشون في عالم آخر، وإن كان فيهم من سبق وخرج أثناء الثورة بدوافع مماثلة لمعظم أولئك الذين أصبحوا يشكلون تيارا بشريا لا ينقطع، معظم أفراده من النساء والأطفال.

ويوجد من يغفل عن مشاهد القتل والتدمير والتعذيب ويغمز بحق المشردين، أنهم على النقيض من سواهم قادرون على الرحيل، وهو يعلم أنهم ينفقون ما جمعوه طوال أعمارهم، أو ما حصلوا عليه الآن ببيع بعض ما كانوا يملكون في بلدهم، للنجاة بأطفالهم.

إنما لا شك أيضا أن بعض من يحذر من تيارات التشريد، يخشى خشية صادقة على الوطن ومصيره، ومن هؤلاء من يأبى أن يفارق ساحة المواجهة، مهما بلغت الأخطار، ومن خسر الأهل والدار ولا يزال مصرا على العمل للمضي في مجاهدة المجرمين وجرائمهم حتى يتحقق النصر بإذن الله.

سيان عمن يصدر التحذير ولكنه يكشف عن خطورة الوضع إلى حد بعيد، فسورية لا تتعرض فقط إلى التقسيم الجغرافي واقعيا وإن لم تنشأ حدود سياسية رسمية، بل تتعرض أيضا إلى مخاطر احتلال مباشر، وصراع طويل الأمد، وجهود إجرامية واسعة النطاق للقضاء على الوجود البشري في منطقة جغرافية تريد ميليشيات الاحتلال الإيراني وأسلحة السيد الروسي وبقايا شبيحة ربيبهما الأسدي تفريغها من أهلها وتوطين سواهم فيها، بعد العجز عن ضمان استمرار السيطرة الأسدية والهيمنة الأجنبية على سورية بكاملها.

والجواب على ذلك نشهده فيما بات يعرف بمناطق الهدنة المحلية حيث ظهر المرابطون فيها أنهم قادرون على مزيد من البطولة والتضحية والعطاء، وطالما انتظروا العون من القادرين على العون، ويوجد من القادرين على تقديم العون من لا يزال مترددا، والمفروض أن نعلم جميعا أننا نشهد الآن حالة تشريد غير مسبوقة في تاريخنا الحديث، ولكن قد نشهد في حالة الاقتصار على الكلام دون العون تشريدا أكبر وأخطر داخل الوطن وخارج حدوده، إلى جانب عودة أضعاف ما كان قبل الثورة من قهر استبدادي همجي وهيمنة عدوانية أجنبية.

إن المترددين عن تقديم العون، سواء كانوا من داخل سورية أو خارجها، إن لم يقدموا ما يستطيعون، وتحقق للعدوان الإجرامي ما يريد على امتداد الشريط الواصل بين دمشق واللاذقية، فسيشهدون كيف سيجعل منها منطلقا للعدوان على سواها، ولن ينجو أحد من النتائج.

نسأل الله أن يكف بعضنا عن بعضنا الآخر، وأن نلتقي على طريق واحد، فلن يتحقق لأي طرف من الأطراف أمن إلا الأمن الجماعي عبر العمل الجماعي والمواجهة الجماعية لعدو همجي تدعمه قوى همجية، إقليمية ودولية.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب