زمام المبادرة في قضية سورية

الكرسي الشاغر أقل ضررا من توهم جلوس سياسي عليه

خواطر – هذه الكلمات دعوة لسلوك طريق المبادرة السياسية الذاتية، لأنها جوهر وجود أي عمل سياسي

42

خواطر

الحديث هنا عن المبادرة السياسية والسياسيين فقط، إنما ينبغي الأخذ بزمام المبادرة على كل صعيد آخر في قضية سورية، ولا يكفي التفاعل مع ما يصنع الآخرون، فردود الأفعال جزء من السياسة، وتفقد فاعليتها في غياب عمل سياسي مستدام. لهذا أصبحت تُصنع التشكيلات السياسية الكبرى دون الرجوع إلى مصالح الثورة والشعب والوطن،

تحت جنح غيابنا السياسي هذا وليس ضعف الأداء فقط، يتبعثر وجودنا الشعبي الافتراضي أيضا إلى تحركات منعزلة عن بعضها بعضا، تحت عناوين كبرى وصغرى.

مسار الثورات التغييرية لا يحتمل سياسات الانتظار للتلاؤم والانفعالات والتفاعل، حتى لو افترضنا أن هذا من أشكال الممارسة السياسية في حالة الاستقرار والتنافس مع قوى سياسية أخرى.

من لا يبادر ويفرض تطلعات الثورة وشعبها على الساحات السياسية الداخلية والخارجية، لا يمكن أن يغيّر، ولا أن يمنع تنفيذ ما يصنعه السياسيون إقليميا ودوليا من تغيير، يريدون فرضه على مسار الثورة حتى تخضع حصيلتها لما يريدون هم وليس ما يريده الشعب الثائر.

السياسات في الحقب الثورية جزء من ممارسات عملية لا تنفصم عن مجرى صراع إرادات التغيير وليست سياسات مجاملات أو حلول وسطية، ناهيك عن السقوط في مستنقعات الوصولية والانتهازية والتبعية الخارجية.

تتردد التعليلات بأن المتغيرات الدولية والإقليمية وموازين قوة البطش وأساليب شرعة الغاب، ترغم ساسة الثورة على التواري عن الإنظار، أو البقاء في حدود ما يُسمح بقوله أو صنعه.

إذا صح ذلك فما مبرر وجود أي جهاز أو هيئة أو أفراد يتحدثون سياسيا باسم الثورة وشعبها؟

هل مجرد وجود السياسي اسما دون مبادرات ذاتية فاعلة يجدي في قضية سورية، وهو لا يؤدي لحماية الأهل من التقتيل المتواصل ولا من التشريد والحصار، ولا لمجرد العمل لطرح رؤى ومناهج ومخططات تساهم في كسب الأنصار وفي تحييد بعض الأعداء، ناهيك عن لمّ شعث الثوار، وتأمين مستقبل البلاد؟

ليست هذه الكلمات دعوة لاستقالات فردية أو لتفكيك تشكيلات سياسية، بل هي مجرد دعوة جادة لسلوك طريق المبادرة، لأنها جوهر وجود أي عمل سياسي مواكب لثورة شعبية تغييرية.

إن ضاقت الظروف أحيانا عن مبادرة تفرض نفسها على دول معادية وصديقة، فلتكن مبادرات من أجل الساحة السورية ونسيج السوريين ووطنهم، وليكن من ذلك مثلا:

١- مبادرة للتوافق على قواسم مشتركة بين السياسيين والتيارات السياسية من خلال التواصل المباشر والطرح المنهجي.

٢- مبادرة للتنسيق والتكامل والتعاون بين تجمعات العلماء والدعاة، أو الارتفاع بمستوى الإدارة والتوجيه فيما قام منها من قبل ليرتفع مستوى ضبط عطاءاتها ويرتفع مستوى تأثيرها على أرض الواقع.

٣- مبادرة تتابع بمنظور سياسي ما تنطوي عليه حملات افتراضية شعبية مستقلة من طرح متميز، كقضية اختيار قيادات وترشيح أعضاء لمجلس حكماء وصياغة رؤية إستراتيجية وما شابه ذلك.

وهذه أمثلة مبسطة ويوجد المزيد على مستويات أخرى لمن أراد العمل السياسي حقا، والأهم من ذلك أن نعي جميعا ونعمل بموجب ذلك:

مجرد السكون في عالم السياسة يعني الموات، وكل تخلف عن مواكبة سرعة المتغيرات بمبادرات هادفة يعني الانهيار.

ومن يقول بغير ذلك فليعلّمنا ما هي السياسة الثورية التغييرية إذن!

إن الكرسي السياسي الشاغر أقل خطرا على الثورة التغييرية ومستقبل الشعب والوطن، من كرسي يعطي نفسه صفة سياسي دون حق في عالم يتحرك يوميا بمبادرات جديدة، فقد أصبحنا وأصبح عالمنا لا يرى أصلا ذاك الذي يحسب نفسه جالسا على كرسي سياسي.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب