رؤية – علماؤنا وقصورنا

كم من عالم أدّى أمانة علمه وما زلنا ننتظر من يحمل تبعاتها معه

54
مع القرضاوي والنجار يوم ١٩ / ٤ / ٢٠٠٨

ــــــــــ

من مقدمة النشر سابقا يوم ٢٦ / ٧ / ٢٠٠٧م في إصدارة سابقة من مداد القلم، لهذه الخواطر التي حررت ونشرت عام ١٩٩٩م مع رحيل عدد من العلماء الأفذاذ خلال فترة وجيزة:
انعقد في الدوحة مؤخرا مؤتمر تكريم الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي مع تلامذته وأصحابه بمبادرة من الأستاذ الفاضل دكتور عصام البشير ومنتدى الوسطية في الكويت، فأثارت متابعته عن بعد خاطرة طالما تردّدت مع كلّ كلمة نقد تتحدّث عن قصور علمائنا، ولا تتحدّث عن قصورنا معهم، وتشير إلى عدم أداء الواجب الكبير الملقى على عاتقهم، مهما قالوا وفعلوا وقدّموا وكتبوا ونشروا، وتغفل أو تتغافل عن أنّ ما يقدّمونه يحمّلنا جميعا مسؤولية أداء الواجب وفق ما نسمع ونقرأ، ونستوعب ونفهم، لنحوّل الكلمة التي يوجّهونها إلى واقع نعيشه. ورغبة في التذكير بالواجب تجاه الشيخ يوسف القرضاوي أمدّ الله في عمره وزاده عطاء وكتب به وله الخير، ينشر هذا الموضوع مجددا.

– – –

كلّما رحل عن هذه الحياة الدنيا عالم كبير من أساتذة الجيل، انكبّت أقلام مشكورة على ذكر مناقبه ومآثره، والإشادة بجهده وفضله، وتعداد ما كان له من أيـادٍ في العلم والفقه والاجتهاد والدعوة، وما عُرف عنه من ورع وإخلاص وتقوى، واقترن ذلك بالدعاء له بالجزاء الأوفى في الآخرة، وبالصبر والسلوان لمن خلّفهم في هذه الدار الفانية. وغالبا ما يكون جميع ما يقال ويكتب، أقلّ ممّا كان عليه ذلك العالم، وإلاّ لما كان كما كان، ولما استقطب على الحديث عنه كلّ ذي مكانة وقدرة على البيان، لا سيّما إذا كان العالم الراحل من أولئك الأفذاذ، الذين تجاوزوا بما قدّموا الحدود، وغزوا القلوب والعقول، ونفذوا بما أعطوا إلى الموافق في الرأي، فشهد خيرا إن كان أهلا لتمييز وتمحيص واجتهاد برأي، كما نفذوا إلى المخالف في الرأي، فإن كان أهلا للمخالفة عن علم احترم اجتهاد سواه وأدلى بدلوه فساهم في النهوض بمجتمعه درجة وقد يرتفع بنفسه درجات، وإن كان غير ذلك كان ممن ينكر الرأي الآخر بأسلوب منكر، متعدّيا على نفسه ومجتمعه.

أولئك العلماء الجهابذة قلّة في كلّ عصر، فلا غرابة أن تعجز الأقلام في حياتهم وبعد رحيلهم عن الوفاء لهم ببعض حقّهم على المسلمين ولو حرصت ما استطاعت الحرص على ذلك!

وقد رحل علماء كان فيهم من وجد في حياته مكانة أو منصبا يسمح له ولو ببعض التأثير على المجتمع، وإن لم تكن لعلمه سلطة تجعله قانونا يُتّبع فيفيد، وربّما أصبح له من التأثير الأدبي ما يفوق مفعول السلطات في عالمه وعصره. ورحل منهم أيضا من تعرّض في حياته لابتلاء الإقصاء والإهمال والتجاهل، فكان معروفا بكتبه لمن يقرأ، ومكرّما عند من يقدّر قيمة العلم وأهله، أمّا في ميدان التأثير الفعلي على المجتمع، فليس له مجال أو لم يُترك له مجال، بل قد يجد التأثير الأدبي المنتظر من مثله الحصارَ بأسوار التعتيم، التي غالبا ما تنهدم بعد وفاة العالم فيعبُر بشهرته وما خلّفه من آثار الآفاق، وكم قرأنا أو سمعنا بعد رحيل عالم من هؤلاء العلماء، لسانا يذكره بخير أو قلماً يثني عليه، ثمّ يتساءل مكرّرا ذكر فكرة قيّمة قديمة: علام لا نكرّم علماءنا في حياتهم حقّ التكريم؟

خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا رحل مؤخّرا من كبار علمائنا ممّن تجاوزت أفضالهم المسافات القريبة والبعيدة، مثل محمد الغزالي، ومحمد متولي الشـعراوي، وعبد العزيز بن باز، وغيرهم، رحمهم الله تعالى وغفر لهم وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ثمّ رحل الآن العلاّمة في الأدب والفقه والقضاء والتاريخ، وربّما الأقدر بلا منازع بين معاصريه على امتداد جيلين من الخطباء البلغاء المؤثرين ومن المتحدثين في مختلف المجالات والميادين، على النفاذ إلى القلوب والعقول، بلغة راقية عذبة، بسيطة ممتنعة، سلسة آسرة، يشعر كل فرد أنها موجهة إليه، متناسبة مع ما لديه من قدرات، صغيرا كان أو كبيرا، رجلا أو امرأة،  متعلما مثقفا أو أقل معرفة وثقافة، فأخذ الشيخ الجليل مكانه في ذلك على امتداد سبعين عاما من العطاء، ولم ينكر  أحد ممّن لقولهم اعتبار ووزن ذلك المكان المتفرّد له، من جيلنا المعاصر ولا الجيل الذي سبقه، لقد رحل الشيخ علي الطنطاوي فحار أصحاب القدرة والبلاغة من أهل العلم الذي نعوه وذكروه وأثنوا عليه، ماذا يختارون من وصف يعبّر ولو بعض التعبير عن حقيقة ما كان عليه، ويليق ولو بنسبة ما للإشارة إلى قدره الجليل، بدءا بالعالم العلامة، وحتى القول برحيل عالَـم (بفتح اللام) بأسره، من خلال رحيل ذلك العالِم (بكسر اللام) الجليل.

ربما لم يطلع كثير منا أو غالبنا في حياته وإن امتدت عدة عقود بعد بلوغه سن الشباب، اطلاع المطالعة السريعة فضلا عن الدراسة العميقة، على كمية من الكتب والمقالات، توازي بعض ما خلفه كل من أولئك العلماء على حدة من إنتاج غزير، كان عصارة فكر ثاقب، وجهد دائب، وإخلاص في قلوبهم الله أعلم به، وظاهر على جوارحهم وسلوكهم يشهد به المخلصون، وحرص على الإسلام والمسلمين يؤثر مصالحهم على مصالح ذاتية ومغريات دنيوية، في حقبة زمنية بات مثل ذلك الحرص فيها بضاعة ثمينة نادرة، أو محظورة سجينة المرهبات.
ويتكرر السؤال: علام لا نكرم علماؤنا حق التكريم وهم أحياء يرزقون؟ ثم كيف يكون هذا التكريم؟ ومن المسؤول عن نقل مثل هذا الأمل الذي نردده، إلى واقع نعيشه، وخطوات عملية مشهودة؟
ولكن: هل علماؤنا في حاجة إلى تكريمنـا فعلا؟

إن من رحل منهم رحل إلى العزيز الحكيم والحاكم العادل، وسيجد عنده ما هو جدير به من الجزاء الأوفى والثواب الباقي، فالله عزّ وجلّ لا يضيع أجر من أحسن عملا، والأجدر بنا أن نسـأل: علام لا نكرّم أنفسنا، ونفيد أنفسنا، ونحسن إلى أنفسنا، من خلال اتباع سلوك آخر مع علمائنا، في حياتهم، وبعد مماتهم؟

إن أعظم ما يمكن أن نؤدي به حقّ عالم راحل علينا، وأن يعطي عالما بيننا في هذه الحياة الدنيا الإحساسَ بتكريمه، إن صدقنا الرغبة في تكريمه، هو أن ننقل حصيلة جده واجتهاده نقلة نوعية، من الكتب إلى واقع الحياة، ومن زاوية إذاعية وتليفزيونية أو تسجيلات صوتية ومرئية إلى صُلب صناعة الحدث، ومن أسلوب الحفل والجائزة إلى أسلوب تكريس مؤسسة علمية له ولعلمه من مثل ما يسمونه “مصانع الفكر”، وأقاموه ويقيمونه في ديار غير ديارنا ومجتمعات غير مجتمعاتنا، اعتادت – وكان علينا نحن وفق ما يفرض إسلامنا أن نعتاد – على أن يكون علم العلماء مصدرا من المصادر الرئيسـية لتقدمها، ومدخلا لا غنى عنه إلى ما تصنعه وتثبته من صيغ لحياتها، وحرصت – وكان علينا نحن وفق تعاليم ديننا أن نحرص – على تجنب أن يقتصر دور العالم على أن يكون مرآة لآراء سائدة وقرارات نافذة!

العالم الصادق يجد على كل حال الفوز الحقيقي بالأجر الموعود في دار الخلود، وفق الأصل الثابت أن من اجتهد فأصاب فله أجران فإن أخطا فله أجر واحد، بل ويجد علمه في الحياة الدنيا – رغم قصورنا وتقصيرنا – ما هو جدير به من تقدير واتباع، حتى وإن لوحق في حياته وأوذي، وطورد وشرّد، وإلا فهل فينا من لا يذكر من العلماء ذوي الفضل على المسلمين عبر تقلب الأجيال والعصور، الأئمة الأوائل بعد التابعين، ومن سار على دربهم من أمثال الغزالي وابن تيمية، ولكن قد لا يذكر غالبنا شيئا عمن عاش في عصور أولئك العلماء من ملوك وأمراء وسلاطين، بل ربما فارق بعض العلماء الحياة وهو مطارد أو سجين، فخلد اسمه وعلمه من دون اسم ذاك الذي اضطهده، وكان هذا أيضا شأن فريق من جهابذة العلماء ممن تخصصوا فيما سماه الأصوليون “علوما دنيوية” من طب وهندسة وتاريخ واجتماع، فبقي ذكرهم إلى يومنا هذا، وهؤلاء وهؤلاء – مذ كانوا أحياء وسلكوا دروب العلم – يحصلون على أجر متواصل يتراكم في رصيدهم إلى يومنا هذا وما يزال يتراكم إلى قيام الساعة، مصداق القاعدة الثابتة، أن من مات انقطع عمله إلا من ثلاث، أحدها علم صالح ينتفع به.

إن أجرهم موفور مكفول، ولكن نحن، نحن الذين نعاصر جيلا من العلماء الأفذاذ، رحل منهم من رحل إلى جوار ربه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، نحن الذين نطرح فيما نطرح قضايا هجرة الأدمغة، مرة بعد مرة ونصنع ما يبقيها في الهجرة ويهجر المزيد منها، نحن الذين تملأ رفوف مكتباتنا عصارة علم من يعيش بيننا من علمائنا، ونسوّد صحفنا ومجلاتنا بالحديث عن فضلهم، نحن من يمكن أن نربح أو نخسر، ونكسب الأجر أو نضيعه، على حسب نوعية سلوكنا مع علمائنا وعلمهم، في حياتهم ومن بعد رحيلهم، فإمّا أن يكون سـلوك الإنكار وذاك صنع الجاهلين، أو أن يكون السلوك كلاما إطراء وثناء دون اتباع على بصيرة، أو أن يكون سـلوكا يستفيد منهم في واقع الحياة، فتكون به الغنيمة في الدنيا، والفوز بأجر الآخرة.

إن كل عالم من أولئك الذين فقدناهم خلال فترة وجيزة نسبيا يمثل مدرسة قائمة بذاتها، لهذا الجيل والأجيال المقبلة، ومنارة هادية يمكن أن توصل سفننا المتفرقة، أو توصل من يخلفنا إذا تنكبنا، إلى بر الأمان، وما يزال يوجد آخرون حولنا من أولئك العلماء، يجدون ويجتهدون، ويسعون للاستفادة من كل وسيلة متاحة ليصلوا بما نبغوا فيه إلى أمّتهم وإلى البشرية من حولهم، ولكن هم يعلمون، ونحن نعلم، أن هذه الوسائل “المتاحة” ما تزال أشبه بقنوات ضيقة، محكومة بظروف دول يقيمون فيها، وتأبى أن يكون علم علمائها من مختلف الاختصاصات، لا الضالعين في التخصص في علوم الإسلام الحنيف فحسب، هو المصدر فيما تضع من مناهج تدريس ومخططات تثقيف وسياسة إعلام، أو هي قنوات ضيقة محكومة بظروف المنفى، المزدحم بالنوابغ، وبالعقول المهاجرة، وقد لجأ من لجأ إليه تحت ضغوط بني قومه، ضغوط  السلطات العليا حينا، وضغوط سلطات متعددة الوجوه والأشكال والأساليب على مستوى المجتمع أحيانا، وما كان أولئك المنفيون – أو غالبهم – يريد غير الخير والصلاح، بما يشمل أولئك المسؤولين عن نفيهم أيضا، وقد يكون فيما يدعون إليه ما لا يعجب نفسا تحسب الخلود من نصيبها، أو ما يتناقض مع منفعة مصلحية أو متعة دنيوية أو مكانة زائلة، فيبلغ العداء مبلغه ويفعل الإقصاء والتهميش والتجاهل مفعوله، ولا يدري سوى القليل منا، أن من ينزلق إلى تلك الممارسات أو يتعمدها، إنما يؤذي نفسه بنفسه أضعاف ما يؤذي به، ذاك المكفول أجره في الآخرة، والمكفول اتباعه في الدنيا ولو بعد رحيله!

قد يكون أقصى ما يحصل العلماء المعاصرون عليه – للترضية أحيانا – هو أن يُسألوا في قضية وتنشر أجوبتهم على الملأ، وفي ذلك خير كبير، ولكن لا يكفي، فنحن في قطاعات حياتنا المختلفة، لا نستفيد من علم الأطباء مثلا، إلا إذا تحول من خلال أجهزة مسؤولة إلى ممارسات في العيادات والمستشفيات وفي قوانين وأنظمة صحية، كذلك لا نستفيد من مبتكرات تقنية جديدة، إلا إذا تحوّلت عبر سلطات ودوائر مسؤولة إلى أجهزة وأدوات ومناهج تدريس وتأهيل، وكذا الحال مع قطاعات حياتنا الأخرى، فكيف نستثني في هذه الممارسة الطبيعية من تلك القطاعات أهمها؟ القطـاع الذي نقول إنه يجمع لنا خيري الدنيا والآخرة، وإنا كنا به مع تطبيقه أمة وحضارة، وجامعات يقصدها طالبو التقدم من أنحاء الدنيا، وصـرنا بدونه عالة على سوانا، في أمننا الغذائي والعسكري، وفي السيارة التي نشتري، والطائرة التي نركب، والدواء الذي يحتاج مرضانا إليه، بل وفي العلف الذي نغذو به ماشيتنا!

لا يفيد علم دون القوالب التطبيقية للممارسة، فعلام نرتضي في ميدان الإسلام بالذات أن نترك علماءنا الأفذاذ ما امتدت بهم الحياة، يتحركون في واد ونحن في آخر؟

متى نكرم أنفسنا وننقذها، بإيجاد آليات عملية تضمن انتقال علمهم إلى واقع حياتنا، ليس في الصلاة والصوم والحج وسوى ذلك مما هو مفروض مطلوب فحسب، بل في مختلف الجوانب والميادين. لا نزعم ولا ينبغي أن نزعم أنه ليس لدينا شيء من ذلك، ولكننا نشعر مع وفاة كل عالم جليل، أننا ما نزال نحتاج إلى المزيد، ليس بزيادة عدد المعاهد والمؤسسات والأجهزة، التي تضم فريقا من علمائنا أو توضع تحت تصرفهم بشروط، وإنما الزيادة المطلوبة هي النهوض النوعي بفعالية تلك الأجهزة، ووضعها موضعها من آليات صنع القرار، وتثبيت مكانتها في حياتنا اليومية العملية.

إن مؤسسة واحدة يلتقي فيها المتخصصون في العلوم الدينية والدنيوية، إذا تجاوزت بصلاحياتها وفعالياتها مفعول الحدود السياسية المفروضة، والنزاعات الجانبية والوهمية، والمنطلقات الحزبية الضيقة، وسوى ذلك من عوامل التفرقة على سبل متشعبة.. وإذا خرجت تلك المؤسسة حقيقة لا كلاما من القنوات الضيقة المفروضة، ومن مفعول قيودها المرئية وغير المرئية، وإذا وجدت -علاوة على تكريم المجاملات والمحبة والعرفان بالجميل، وجميع ذلك مطلوب وواجب- تكريما آخر يجعل كلمتها مسموعة في أجهزة صياغة مناهجنا المدرسية والجامعية، وفي صيغ عملنا الإعلامية والاجتماعية، وفي مخططات النهوض بأوضاعنا السياسية والاقتصادية والتقنية.. إن مثل تلك المؤسسة التي نفتقر إليها أشدّ افتقار، يمكن أن تحقّق من العطاء والتأثير ما نحتاج إليه في حياتنا الراهنة حاجة ماسة، ولكننا نحرم أنفسنا من ذلك فعجيب أمرنا، ونحرم أنفسنا من أجره في الدنيا والآخرة فغريب سلوكنا. وما دمنا لا نتحرك على هذا الطريق، أو أي طريق آخر شريطة أن يكون قويما ويحقق الهدف، فذكر المؤسسة مثال ليس إلاّ، وسوف نبقى بعد رحيل كل عالم جليل يغلب علينا الحياء، ونحن نردد: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده!

ألا إن باب الأجر مفتوح للسالكين، إذا أرادوه صدقا وحقا، قولا وعملا، ألا وإن باب الفتنة مفتوح أيضا وسيبقى مفتوحا، ما لم يجد من يغلقه إغلاقا محكما، ألا وإن الدعاء مطلوب، ومطلوب معه أيضا استيعاب أن الله تعالى – وهو أكرم الأكرمين – وعد بإجابة الدعاء، فأمر بالاستجابة فقال عز وجل {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} صدق الله العظيم.

نبيل شبيب