خواطر – من مفكرة ما غيرته الثورات
التغيير التاريخي يتخذ طريقا غير مألوف من قبل
الثورات شعبية تغييرية جامعة ولا جدوى من مراوغة الاستبداد مهما طال طريق التغيير
كشفت حقبة الثورات العربية عن وجود سلسلة مما شاعت تسميته بلفظة كليشيهات، والمقصود فكرة مصبوبة في قالب تفكير عقيم، تتردد حتى تصبح وكأنها من البدهيات وهي مجرد خرافات ولكن لا تجد ما ينبغي من البحث والتمحيص ليبطل مفعولها، إلى أن يظهر جيل ثوري يكشفها على حقيقتها وهذا ما صنعه شباب الثورات العربية؛ من تلك المقولات مثلا:
١- لا تقوم ثورة دون تنظيم نخبوي مسبق؛ وربيع الثورات الشعبية العربية شاهد على بطلان ذلك.
٢- لكل بلد خصوصياته؛ ربّما، ولكن يبقى من المشتركات وجود الإرادة الشعبية لصناعة التاريخ.
٣- المشكلة في الحاشية وليس في رأس النظام؛ وهذه أكذوبة سخيفة وأثبتت الثورات أن هذا وذاك متكاملان مترافقان وسقوطهما هو المدخل لحقبة تالية.
٤- أنظمة الاستبداد متفاوتة في الدهاء؛ والأصح أنها متفاوتة في الغباء.
ومن الأمثلة ما ظهر من تخبط الاستبداد العدواني في سورية:
٥- بطرح عنوان الفتنة الطائفية، وما عرفت سورية استعداء فئات الشعب على بعضها بعضا، أديانا وطوائف وقوميات وأحزابا، إلا في عهد التسلط الاستبدادي.
٦- ثم رُفعت عناوين الأصابع الأجنبية والعصابات المسلحة والمؤامرة الكونية الخارجية. ولو أن أيّ جهة أجنبية تستطيع فعلا تحريك شعب أحد بلادنا من أقصاه إلى أقصاه، بهذه القوة وبهذه السرعة، فهذا دليل على عجز النظام عن حماية الشعب والبلد، فليرحل مع أجهزته القمعية وغبائه السياسي.
٧- ثم انتشرت الأسئلة عبر أزلام النظام: علام لا تهدأ الثورة بانتظار تحقيق ما يعد به النظام من إصلاح؟
بينما يدرك من يواكب ثورة شعب سورية أن فترة الانتظار انتهت مع اللحظة الأولى لانطلاقة الثورة، أي:
– بعد 48 سنة من انقلاب حزب البعث وبداية حكم الطوارئ.
– وبعد 41 سنة من انقلاب الأسد على رفاقه وبداية حكم الاستبداد القمعي المطلق
– وبعد 11 سنة من وراثة الحكم الاستبدادي القمعي ووعود متكررة بالانفراج ولو جزئيا.
٨- وعود الإصلاح المتأخرة كاذبة، فلا تقوم في حضن الاستبداد الدموي دولة الحقوق والقضاء والدستور والوحدة الوطنية؛ إن الإجرام لا يلد في رحم الاستبداد إلا إجراما.
الثورات شعبية تغييرية جامعة ولا جدوى من مراوغة الاستبداد مهما طال طريق التغيير؛ ولا يصح أن تشغل المراوغة عن مواصلة العمل من أجل الهدف الثوري الأول والحاسم: إسقاط الاستبداد من جذوره لتعود البلاد إلى ما كانت عليه، بلادا حضارية حرة، تحفظ كرامة الإنسان وسيادة الأوطان، وينطلق التعامل بين أهلها من منطلق المصلحة العليا المشتركة.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب