القوى الدولية وسورية الجديدة

تبدلت الأساليب فهل تبدلت الأهداف؟

رأي – ممارسة السيادة دون تدخل أجنبي عبر إملاءات علنية أو متسللة

0 29
٣:٣٥ دقيقة

رأي

كانت الجولة الحاسمة من الثورة الشعبية السورية لإسقاط الطاغية المخلوع، جولة مفاجئة للقريب والبعيد، شملت قوى إقليمية، كما شملت القوى الدولية التي اعتادت الاستعلاء على سواها استعلاء متعجرفا عبر استعراض قدراتها التجسسية وغيرها.

وصنعت المفاجأة مواقف مضطربة في البداية ولكن سرعان ما بدأت موجة التواصل مع القيادة الجديدة بأساليب تختلف واقعيا عما سبق، وإن بقيت التصريحات والمواقف تبحث عن صيغة فيها لهجة التعالي والإملاءات وخلط المطالب المشروعة بشروط، وخلط الوعود الإيجابية بالوعيد، وذاك من أساليب التعامل مع بلادنا في عهد ما قبل انتصار الثورة الشعبية.

عناوين ما يطالبون به أقرب للتعميم، وهو في مضمونه -لو صدق- متشابه مع عناوين نستمدها من فكرنا الإسلامي والحضاري والعربي والوطني، ولهذا فمن الأهمية بمكان أن نميز بين:

– تطبيق مضامين تلك العناوين مع التأكيد أننا ننطلق من فكرنا لصناعة حاضرنا ومستقبلنا أحرارا في بلد حر بثورته الشعبية، سيد نفسه وقراره ودستوره ودولته…

– وتطبيق تلك المضامين ذاتها ولكن مع الإيحاء تلميحا وتصريحا أننا نصنع ذلك استجابة لإملاءات أجنبية وخضوعا لضغوط هيمنة أجنبية، وليس نتيجة قرار من صنع حريتنا وثورتنا وكرامتنا وسيادتنا.

احتياجات التنمية معروفة وضاغطة، ولكنها قد تنقلب إلى عكس المقصود منها، ما لم ندرك أن الفارق بين الصيغتين المذكورتين هو الخطوة العملية الأولى لتثبيت حصيلة ثورة شعبية تاريخية انطلقت بعناوين الحرية والكرامة والعدالة ووحدة الانتماء الشعبي والوطني المشترك.

نحن لا نقرر حرمة حرية الأفراد والأقليات استجابة لمن يحتكرون لأنفسهم ولدولهم دون حق أوصاف مجتمع دولي وأسرة بشرية وزعامة انفرادية أو أممية، بل نقرر ذلك كما تقرره عقيدتنا وحضارتنا وإنسانيتنا وانتماءاتنا ومصالحنا الذاتية المشتركة، وكما تقرره التضحيات التي قدمتها وتقدمها شعوبنا وتسدد ثمنها من دماء الشهداء وعذابات المعتقلين وأشواق المشرّدين، وتقرره تطلعاتنا جميعا نحو مستقبل عادل دون إملاءات استبدادية ولا أجنبية، ومستقبل كريم دون منّة أي طرف من الأطراف على سواه، ومستقبل حر معطاء دون تدخل هيمنة أجنبية بأسلوب عدائي استعلائي معلن أو بأسلوب تسلل مزاعم الخشية الأجنبية من بعضنا على بعضنا، وتجاهل أننا نحن نتحرك معا، جسدا واحد، وفق ما صنعته وتصنعه الثورة، كما يصنعه الحرص المطلق على سيادة الشعب بمجموعه على مصيره ومستقبله.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب.