جولة ثورية أخرى في سورية
بين سرعة الانطلاق وشروط الاستمرار
رأي – سرعة الانطلاق ثمرة من ثمرات الإعداد المسبق أما النصر فيتطلب المزيد من الطاقات
رأي
هذه جولة أخرى من جولات ثورة التغيير السورية، يشهدها تاريخ سورية وما حولها مع نهاية عام ٢٠٢٤م، ولا يتوقع لها أن تنتهي سريعا حسبما يرجى لها بطبيعة الحال تحت تأثير سرعة انطلاقها لتغطي خلال أيام معدودات مدينة حلب وأريافها وأرياف إدلب ولتصل جغرافيا إلى حماة. فلهذه السرعة أسباب قد تتغير ظروفها، بدءا بتسارع انهيارات بقايا ميليشيات النظام الأسدي، انتهاء بتصدع الجبهات الروسية والإيرانية التي كانت حجر الزاوية في استبقاء ما يشبه رمق الحياة الأخير لدى الأسديين.
على أن تحقيق أمل النصر مرتبط بالسبب الأهم من وراء سرعة الانطلاقة الثورية، وهو أن هذا الامتداد الواسع والسريع لم يكن بداية الجولة بل هو نتيجة جهود هادئة متواصلة خلال شهور عديدة إن لم نقل خلال سنوات عديدة، كانت حافلة بالتنظيم والتدريب وتصحيح الإدارة وتصحيح التوجهات عند بعض القيادات والفصائل، هذا ناهيك عن جهود التطوير المتواصل لصناعة السلاح ذاتيا، لا سيما المدرعات وناقلات الجند والمسيّرات.
يضاف إلى ذلك تطوير العلاقات بين الفصائل المسلحة وبينها وبين الحاضنة السياسية التركية، وضبط التناغم بين المصالح التركية والمصالح الثورية السورية، حتى تحوّلت الفصائل إلى وحدات عسكرية متكاملة قادرة على التخطيط للعمليات العسكرية وكذلك لضبط التوجيه المدروس في التواصل مع السكان من المدنيين، أهل البلد الواحد جغرافيا وأهل الوطن المشترك سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
هذا محور ما فوجئت به بقايا الميليشيات الأسدية، وهو ما أدى إلى انهياراتها المتتالية، ولا يتوقع رغم الجهود المبذولة أن تستعيد قدرتها على التصرف العسكري الفعال، ولكن شريطة أن تتمكن الفصائل الثورية من:
(١) تعطيل مفعول ما بقي من تفوق سلاح الجو الأسدي، ويعجل بذلك التعطيل استخدام ما غنمته الفصائل من أسلحة مضادة للدروع ومضادات جوية…
(٢) استكمال التنظيم العسكري والإداري وسد الثغرات المحتملة بسبب طول مسافات الإمداد والإسناد…
(٣) ضبط آليات تلبية الاحتياجات السكانية من الخدمات المعيشية والمدنية بالسرعة اللازمة…
بهذه الشروط الثلاثة كحد أدنى يمكن أن تجعل الفصائل الثورية من الجولة الحالية جولة نصر حاسم على طريق التغيير الذي فتحت الثورة الشعبية منذ ٢٠١١م أبواب تحقيقه بعون الله أولا وبطاقات جيل الثورة المتدفقة بصناعة ما يمكن وصفه بالمعجزات التاريخية في حقبة احلولكت فيها ظلمة الاستبداد الداخلي لا سيما في سورية وأخواتها وظلمة العدوان الخارجي لا سيما في فلسطين وأخواتها، وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز، وإياه أستودع شعوبنا وبلادنا وقضايانا وجنس الإنسان ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب