بين ترامب وترامب

يختلف ترامب عن أقرانه بالأسلوب لا المضمون

خواطر – التعامل مع ترامب واجب أو اضطراري كسواه من ذوي السياسات العدوانية

0 33
٣:٢٠ دقيقة

خواطر

وظف دونالد ترامب ضعف خصمه قبل توظيف محاولة اغتياله لحسم ترشيحه باسم الجمهوريين، مع ترجيح وصوله إلى كرسي الرئاسة الأمريكية مجددا؛ أما محاولة الاغتيال بحد ذاتها فكانت بوزن حملة مهرجانية دعائية كبرى، وحملة تمويل ضخمة لشراء الإعجاب به، لا سيما وهو يرفع قبضته في الهواء والدم يسيل من أذنه، في مشهد معبر عنه أكثر من سواه من المشاهد.

وأتت محاولة الاغتيال في أنسب الأوقات، مواكبة لعملية تقهقر مكانة خصمه جو بايدن داخل حزبه الديمقراطي، وازدياد حصاره في مصيدة، كان مسؤولا عن وقوعه فيها أكثر من مسؤولية اللوبي اليهودي الأمريكي، وأكثر من مسؤولية الأسلوب الاستعلائي في الخطاب السياسي من جانب ترامب. وقد كان تعامله مع مسار حرب الإبادة الإسرائيلية في فلسطين من أكبر أخطائه، فمن اللحظة الأولى ظهر أنه لم يقدر أبعاد الحدث وحجمه ولم يتوقع استمراريته ولا تداعياته كما ينبغي، وقد اتخذ منه موقفا فوريا استعراضيا فقطع على نفسه كل خط من خطوط الرجعة، حتى إذا وجد نفسه مضطرا إلى شيء من ذلك، ولو جزئيا، لم يتمكن حتى من تعديل بعض مواقفه وتسويقها، فبقيت كلماته في واد وممارساته في واد آخر.

في هذا بالذات لن يختلف ترامب إن أصبح رئيسا، عن خصمه الحالي في جوهر ما يتصرف به وإن اختلف عنه في الأسلوب. ويبقى كلاهما انتهازيا يحاول أن يخدم مصلحته الذاتية أكثر من أي شيء آخر، ومن هنا يمكن أن نقول إن التعامل مع ترامب وهو يكشف أوراقه ونواياه وأهدافه العدوانية علنا، أقل شرا من التعامل مع بايدن وأمثاله وهو يحاول التستر على قسط من سياساته العدوانية. وتعبير أقل شرا مقصود هنا، فالمشكلة هي مشكلة أصل التعامل من جانب المسؤولين في بلادنا مع السياسات العدوانية الأمريكية وليست مشكلة التعامل مع أسلوب إخراج تلك السياسات واختلافه من شخص إلى اخر.

المطلوب هو التغيير الجذري للخروج من مصيدة معادلة الهيمنة والتبعية، ولكن سياسة البلدان العربية والإسلامية لم تختلف مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد بايدن عنها في عهد سلفه ترامب من قبل، ولا يبدو أنها ستختلف في عهد ترامب القادم مجددا، عما هي عليه في عهد بايدن قبل رحيله، بالتراجع عن ترشيح نفسه للرئاسة أو بخسارة الانتخابات أو بصورة أخرى من صور الرحيل.

وأستودعكم الله الحي القيوم ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب.