ما الذي يشغل السوريين عن سورية؟
إلى متى نقبع بانتظار حل أجنبي
خواطر – تبعيات عديدة، بات التحرر منها واجبا كالتحرر من الاستبداد والاحتلال
خواطر
كلما تحرك القلم مجددا ليكتب في قضية سورية، يتسابق بين يديه ما نشرته أقلام أخرى، في مراكز الدراسات، وفي وسائل إعلام تقليدية وافتراضية، احترافية وناشئة، فضلا عما يسمّى وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تأكل الأخضر واليابس من عقولنا، صغارا وكبارا.
ومن محاور “قضية سورية!” الأكثر تداولا: تعويم المجرم – ما كان وما سيأتي تحت عنوان إغاثة المشردين – مؤتمرات صغيرة وكبيرة حول سورية بغياب السوريين أو بحضورهم الرمزي – خلافات على لجنة دستورية أو ما بقي منها – من سيشكل لنا وفدنا القادم لمفاوضات ما – في أي مسار توضع القضية، جنيف أم آستانه أم في خليط دولي جديد – هذا فضلا عما لا يحصى من منشورات في وسائل مفتوحة للجميع، متشابهة المضامين رغم تعدد الأسماء المجهولة والمستعارة أو المعروفة والمشهورة.
القائمة طويلة جدا، وأبرز محاورها للعيان هو الاهتمام بكل شيء يطبخ للسوريين بأيدي سواهم، وقليلا ما يشغلنا ما نصنعه نحن أو لا نصنعه، وما يمكن أو يجب أن نصنعه وكيف. ما نزال في معظم ما نعطيه بمختلف وسائل التعبير:
١- نركز على ما يفعل سوانا بقضيتنا ونبني عليه.
٢- نشخص بعض أدوائنا وقصورنا تشخيصا متعدد الأوجه، دون البحث عن علاج إلا نادرا.
٣- نزعم الثورة لتحرير الإرادة الشعبية ونزعم – يا للغرابة – استحالة التحرر دون استبدال استعباد باستعباد.
٤- ولو بذلنا معشار الطاقة المبذولة في تأجيج خلافاتنا العتيقة والجديدة فقد نخرج بأنفسنا وقضيتنا من نفق “التبعية” لقوى أجنبية بدعوى “الواقعية”.
أيها السوريون!
ألا نساهم بأقلامنا وعقولنا في حملات التيئيس من أي عمل ممكن؟
هل بقي إلا أن نعلن شهادة وفاة لأنفسنا وقضيتنا؟
أما آن الأوان للبحث عن طريق الحياة عبر التلاقي والتفكير والعمل الجاد بدلا من الاختلاف حول أين يكون مواتنا وتحت أي مظلة أجنبية او تركيبة أجنبية ندفن؟
كل فريق منا يقبع بانتظار “حل أجنبي”.. أو يتحدث عن محاولة التأثير لصنعه في صالحنا، ولكن إلى متى الانتظار؟
١- أما عايشت الثورة الشعبية سياسات الرؤساء الأمريكيين، أوباما وترامب وبايدن، وما تبدل جوهر السياسة الأمريكية نحو قضيتنا، فهل نخنق آمالنا في تصورات كاريكاتورية عن احتمالات التغيير لديهم كي نعيش نحن “أحرارا” في أقفاص التبعية لهم؟
٢- أما عايشت الثورة كيف دبت الحياة في أوروبا بأكملها ولكن من أجل أوكرانيا، التي تعرضت لعدوان من اعتدى على سورية من قبل وما يزال في مكانة دولة احتلال دموي؟
٣- ثم قد تتفاوت نظراتنا التقويمية إلى سياسات تركيا وبعض الدول العربية، ولكن هل يفيد توافقنا أو اختلافنا أو يضرنا بقليل أو كثير، ما لم ننتزع زمام المبادرة من مفعول الوهم القاتل بأن سوانا سيصنع لسورية والسوريين شيئا ما من تلقاء نفسه ووفق مصالحه؟
٤- ألا ينبغي أن ننتزع زمام المبادرة بقدر ما نعمل لتطوير أنفسنا وتوثيق علاقاتنا ببعضنا، وتوحيد الخط العام لأقلامنا وألسنتنا، كي يتوقع سوانا من “وجودنا” ازدياد وزن معايير جديدة لقابلية التأثير على مصالحه، الآن ومستقبلا؟
أما آن الأوان أن نقول معا: لا، وأن نقول معا: نعم، وأن نقول معا: سنتشاور ثم نعطي جوابنا المشترك؟
أما آن الأوان أن ندرك أن التخلص من وحدة المجرمين في السلطة وداعميها لن يتحقق دون تلاقي السوري الثوري مع “السوري الثوري الآخر”، على الأهداف الكبرى لا التفصيلية، والمحاور التغييرية لا الفرعية، وقواعد التعامل اليومي الصالحة للظروف الحالية على طريق التغيير، إلى أن نصبح “موجودين”، فقضيتنا أصبحت قضية وجود، قضية أصل وجودنا.
وسؤال أخير:
علام تنتشر منذ فترة مبادرات سورية “عديدة” متشابهة، ولا يتلاقى من يطرحونها على رؤية مشتركة تنبثق عن القواسم المشتركة العديدة التي تحتويها تلك المبادرات، وهي متفرقة ولكن يمكن جمعها، مع “فسحة محدودة” للحوار حول صياغة رؤى مستقبلية وأهداف مرحلية بخطوطها العريضة، ثم تثبيت خطوط حمراء لإنهاء تمزقنا بسبب تبعيات عديدة، بات التحرر منها جميعا، واجبا مفروضا، كالتحرر من الاستبداد والاحتلال، سواء بسواء.
وأستودعكم الله وأستودعه سورية وكافة بلادنا وشعوبنا ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب