ثوابت الثورات قبل التفاوض

التفاوض وسيلة ترتبط بكيفية استخدامها

رأي – الانشغال عبر التفاوض عن الهدف المشروع والحقيقي من التفاوض

120
علم الثورة سورية

رأي

يزداد اللغط هذه الأيام حول إنعاش ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، أو تشكيل جسم سياسي تفاوضي جديد، مع ربط هذا وذاك بأدوار غربية وعربية، وخلافات سورية-سورية، وتفاؤل وتشاؤم، ومتابعة الأخبار العلنية أو المسربة بألوان من السخرية والاستهزاء في الدرجة الأولى، ناهيك عن التيئيس والتثبيط دون انقطاع.

الإشكالية في مسار المرحلة الراهنة من مسيرة التغيير في سورية، إشكالية معقدة دون ريب، إنما لم يتغير جوهرها منذ اندلاع الثورة الشعبية عام ٢٠١١م، ويذكر اللغط الجاري بما عايشناه مع النقلة القديمة إلى مسار تفاوضي تحت عناوين الرياض ١ ثم الرياض ٢ والوفد المفاوض ثم الهيئة العليا للتفاوض، ثم توسيعها وتمييع صورتها وتشكيلتها. 

رؤساء هيئة التفاوض السورية

تذكر الحاجة إلى ضوابط في مواجهة لغط هذه الأيام بما خطه القلم في مطلع الثورة في رسالة مفتوحة موجهة لعدد من العاملين على المسرح السياسي، وفي مقدمتهم، هيثم المالح، وأحمد معاذ الخطيب، ومحمد فاروق طيفور، وأنس عبده، وأسامة عبد الكريم الرفاعي، ورياض فريد حجاب، ونصر الحريري، وجورج صبرا، وجاء نص الرسالة بعد أن اهتزت دعائم ثوابت أساسية سبقت صياغتها مع التوافق عليها في لقاء انعقد في إسطنبول، وانتهى إلى تأكيد عدد من الثوابت الضرورية في أي تفاوض، وكانت لكاتب هذه السطور فرصة الحضور في ذلك اللقاء الذي استهدف توحيد المواقف بشأن تلبية الدعوة الرسمية السعودية للقاء من أجل تشكيلة تفاوضية جديدة في قضية سورية.

أهم ما جاء في نص الرسالة:

إن ثوابت ما قبل التفاوض المتفق عليها للمشاركة في مؤتمر الرياض، والمتفق عليها بعد انعقاده، والمتفق عليها عند تشكيل الوفد المفاوض، لم تقتصر على من يفاوض، بل شملت إنهاء استخدام الجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية عبر وقف القصف الجوي ورفع حصار التجويع وإطلاق سراح المعتقلين، بالإضافة إلى تحديد جدول زمني. وهذه ثوابت ما قبل التفاوض سيان هل أطلقت عليها أطراف وقرارات دولية وصف إجراءات حسن نوايا أو أي وصف آخر.

إن التركيز على الاختلاف حول تشكيل الوفد وتغييب ثوابت ما قبل التفاوض الأخرى، يشغل منذ بداية التفاوض عن الغرض الأساسي وهو تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة؛ كما يتحول تخلي المجرم عن إجرامه إلى مادة لمقايضة من يتكلم باسم الثورة على ما لا تجوز المقايضة حوله.

والجدير بالذكر أن هذه النقاط تسري على كل وضع ثوري تغييري، في سورية وسواها، وفي هذه المرحلة وكل مرحلة، وتحت عناوين جنيف وآستانة وسواهما دون استثناء. وهي لا تنوه إلا بثوابت من قبيل شروط التفاوض، ويوجد سواها لعملية التفاوض نفسها، وجميع ذلك هو مما لا يتحقق دونه هدف التغيير وفق الإرادة الشعبية، ومن ذلك استعادة السيادة والاستقلال للإرادة الشعبية والوطن، دون القبول بحلول وسطية مخادعة على حساب هذا أو ذاك؛ وفي هذه الحالة تفقد الثورة طريقها، ويفقد التفاوض باسمها قيمته كوسيلة مشروطة من أجل تحقيق هدف ثابت.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب