اختطاف رزان زيتونة وأقرانها
بين نزاعات مرفوضة وقواسم مشتركة مفروضة
رأي – استهداف الثورة للنيل من شعبيتها وسمعتها
رأي
من أخطر الأسلحة ضد الثورة الشعبية في سورية: التضليل، الذي ينطلق من توهم أعداء الثورة مباشرة أو تحت قبعة أصدقاء، أن هذا الشعب لا يملك ما يكفي من الوعي لتمييز الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والإجرام من النضال. أول ما توجبه مواجهة حملات التضليل استيعاب كل حادثة في مسار الثورة الشعبية في سورية اليوم من خلال متابعة دقيقة تضعها في مكانها من المشهد الكامل لمسار الثورة، وهذا ما توجد له أمثلة عديدة، من بينها حادثة لا يستهان بشأنها: اختطاف رزان زيتونة وفريق عملها.
. . .
رزان زيتونة من أصدق الناشطين السوريين المناضلين المعروفين وأشجعهم دون ريب، تشارك مع فريقها وائل وسميرة وناظم، شعب سورية في ثورته من البداية، ومن ذلك عملهم منذ فترة في دوما، في قلب الخطر اليومي على حياتهم، وقد وجهوا جهودهم لتوثيق أحداث الثورة، من أجل محاكمة مرتكبي الجرائم الاستبدادية الهمجية، نسأل الله تعالى لهم ولجميع أهلنا في قلب الثورة السلامة والأمن والنصر القريب.
أين نضع هذه الحادثة؟
مسار الثورة الآن أمام منعطف مفصلي، لا يتجاوزه إلا بأمرين معا:
(١) إسقاط بقايا النظام الإجرامي وعصاباته ودحر العصابات المستوردة لإنقاذه.
(٢) إجهاض محاولات إجهاض الثورة، أي التصدي لجهود كبرى تريد الحيلولة دون بلوغ الثورة هدفها المحوري: قيام دولة منبثقة عن الثورة وأهدافها تجمع كافة أهل سورية على المساواة في الحقوق والواجبات والمسؤوليات والحريات والكرامة.
أما العصابات الهمجية فقد سقطت واقعيا، ولكن ماذا عمّن ستستقر مقاليد الأمور بين أيديهم ومن يفترض أنهم يمثلون إرادة الشعب الثائر؟
هذا بالذات ما يراد الحيلولة دونه، ولهذا تخوض قوى دولية وإقليمية جولتها الحالية، وتسوق من ورائها:
(١) جهات ارتبطت بها ارتباط الولاء.
(٢) جهات غلب عليها صغارها وصغار تصرفاتها، فيقول لسان حالها: لا نستطيع بناء دولتنا إلا ضمن أغلال استبداد بديل باسم خطير: الإرادة الدولية والإقليمية!
من وسائل هذه الجولة تشويه صورة الفصائل الثورية الكبرى على أرض الوطن، من خلال تشويه رؤيتها وسلوكها تحت عنوان التوجه الإسلامي.
ومن معالم هذه الجولة:
(١) التحول من تصنيف تلك الفصائل الكبرى بتعبير قوى إسلامية معتدلة إلى تعبير قوى متشددة، ولكن آقل تشددا من داعش ومن جبهة النصرة معها.
(٢) الإعلان عن وقف مساعدات عسكرية غير فتاكة لهذا الفريق أو ذاك.
(٣) تصرفات لا إنسانية لتوظيف المعاناة الإنسانية للفصل بين تلك الفصائل وحاضنتها الشعبية، المتشبثة بها تشبث من يدرك أن أي انكسار للثورة يعني مزيدا من جرائم الاستبداد الهمجي الفاسد لعشرات السنين القادمة.
(٤) استثارة النقمة على الثورة أصلا، وهنا يأتي مثلا التأخر في دعم المعرضين للصقيع، مع أن كثيرا منهم خارج الحدود، فلا يوجد -لو أراد الأصدقاء الدوليون القادرون- أي مانع حقيقي عن دعمهم عبر جسر جوي مثلا، أي على غرار ما أعلنوا عنه لمنطقة شمال شرق سورية داخل الحدود، ولكن كأنهم يريدون عبر هذا التمييز الاستعراضي زرع وتد بين أبناء البلد الواحد من المنكوبين، من أكراد وغير أكراد.
(٥) الترويج لسلسلة من الأخبار الكاذبة، وهي كثيرة هذه الأيام، وستزيد أكثر في الأيام المقبلة على هامش مسلسل جنيف، وهنا يندرج استغلال اختطاف رزان وفريقها -حماهم الله- وإثارة النزاعات بين الثوار لتحقيق أكثر من هدف:
(١) إثارة النزاعات بين فصائل الثوار.
(٢) توجيه الضربات للروابط المصيرية الوثيقة بين الثوار وحاضنتهم الشعبية.
(٣) تصعيد آلام المعاناة لتتحول إلى نقمة عمياء لا تميز بين مجرمين هم سبب المعاناة وبين ثوار يعملون لإنهاء المعاناة.
فضلا عن إثارة النزاعات بين أصحاب التوجه الإسلامي وبين من يعملون معهم وإلى جانبهم، ولكن من منطلقات أخرى، وإن كان القاسم المشترك بين الجميع هو خدمة الشعب والوطن والثورة.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب