ثوابت فلسطين بين التفريط والمشروعية

لا مشروعية للتفريط ولا تبديل للثوابت

خواطر – الثوابت حقوق تاريخية عريقة وشعبية سكانية وحضارية وقانونية دولية، حقائق ومبادئ وقيم، ولهذا تسمّى ثوابت

69

خواطر

ليست قضية فلسطين مسألة مواد في جدول أعمال للمفاوضات تحت عناوين مراحل مبدئية متعاقبة بلا نهاية ومرحلة نهائية بل هي قضية التحرير، فلا مكان للتفاوض إلا على آليات استعادة الحق الكامل، دون نقصان، ودون تنازل، ودون مساومة.

وليس التخلي عن الثوابت مسألة جدلية، بل يبدآ مع مجرد الاستعداد للجدل في مفاوضات عقيمة أو عبر اتفاقات غير مشروعة، يوقعها أناس غير مفوضين بتوقيعها، بدءا بكامب ديفيد الأولى مع السادات، مرورا بأوسلو وما فرّخته مع عرفات، انتهاء بمن سار على نهجه ملتزما به أو منحرفا عنه بقدر كبير أو صغير.

ولو افترضنا أن المفاوض جعل حياته مفاوضات، ونهاره تصريحات، وليله مساومات ومؤامرات، فوصل افتراضا إلى جميع ما أراد الوصول إليه عبر مجلس الأمن والوسيط النزيه وعبر المبادرة العربية والواقع العربي الرسمي المتضعضع وعبر اعتراف دول أمريكية جنوبية أو أوروبية غربية بدويلة موهومة، لو افترضنا أنه سيحصل خلال ربع قرن قادم على جميع ما سبق أن سعى إليه ولم يحصل على عُشر معشاره في ربع قرن مضى، فإن حقيقة ما يحصل عليه -افتراضا- هو بعينه التخلي عن فلسطين، وتصفية قضيتها، والتخلي دون تفويض شرعي عن الحق الشعبي أرض فلسطين التاريخية.

لقد بدأ التخلّي عن الثوابت بالتخلّي عن هدف التحرير، منذ تشريد أول إنسان من أهل فلسطين، أصحابها الشرعيين، وتتابع مع طرح فكرة الاختيار بين العودة أو التعويض، ومع تفتيت تعريف شعب فلسطين بين فريق تحت الاغتصاب يتهدده التشريد، وفريق مشرّد يتهدده تأبيد التشريد.

الثوابت حقوق تاريخية عريقة، وشعبية سكانية، وحضارية مجيدة، وقانونية دولية؛ هي حقائق ومبادئ وقيم، ولهذا تسمّى ثوابت، وليست الثوابت مقولات هيولية تعطي وتأخذ، أو تعطي ولا تأخذ، قطعة من أرض، وجانبا من حي، وسلاحا للقمع، وتوقيعا على اتفاقات للتزييف والتزوير.

الثوابت ثوابت لا تتغيّر إن كتبت في ميثاق أو حذفت منه، أو صيغت في اتفاقية أو جرى خرقها، أو كانت مادة للتنازل في المساومات أو لم تكن، أو أمكن الوصول إلى الأهداف المشروعة المنبثقة عنها بطريق القوة أو طريق الإقناع، هي ثوابت كانت وستبقى، من قبل هذا الجيل من أبناء فلسطين والعروبة والإسلام، المنكوب بفريق منه لا يعرف معنى كلمة الثوابت لغويا ولا سياسيا ولا قانونيا ولا فلسطينيا ولا عربيا ولا إسلاميا، ولا تاريخيا ولا تفاوضيا، ولا بممارسات السياسة الواقعية ورغم ذلك ستبقى الثوابت من بعده أيضا، جيلا بعد جيل.

والمشروعية للثوابت.. فهي التي تحكم على الاتفاقات ومن يوقعها، والمنظمات ومن يقودها أو يختطفها، والشعارات ومن يحفظها أو يلوكها، وعلى الوثائق ومن يكتبها ويخفيها أو يعلنها.

ثم ينطلق من يروّجون للتخلي عن الثوابت عبر السؤال الغريب: ما البديل عنهم وعن أفاعيلهم؟

هذا سؤال تضليلي، فهم البديل الباطل الزائل، والثوابت مرتبطة بالصامدين رغم الحصار، والمقاومين دون هوادة، والمشردين المتشبثين بعودة الوطن وعودتهم للوطن.

وستمضي عجلة التاريخ بالمتخاذلين التائهين وأفاعيلهم وتجعل منهم مجرد بقعة سوداء في صفحات سجلّ تاريخي مضيء، لا يأبه بمن يقضون حياتهم في مفاوضات الظلمات، الراحلين إلى عالم الظلمات.

وأستودعكم الله وأستودعه قضايانا المصيرية وحقوقنا المشروعة ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب