خاطرة – أيها السوريون.. أين وحدتكم الوطنية؟
وحدتنا الوطنية فرض إسلامي، وواجب عروبي، وضرورة من ضرورات المصلحة العليا
أيها السوريون..
عندما أناديكم بهذا الخطاب وأنا فرد منكم، أعنيكم جميعا، رجالا ونساء، عربا وأكرادا، مسلمين ومسيحيين، سنة وغير سنة، أحزابا وجماعات وأفرادا، نخبا وعامة، إسلاميين وقوميين وعلمانيين..
وإن قال بعضكم: أيها الإسلامي ماذا تعني؟
أقول: أعني أن القرآن الكريم علمني قيمة الأخوة، وهو يصف هذا النبي وذاك في القصص القرآني، بأنه أخو قومه الذين كانوا يرفضون دعوته ويؤذونه.. فما أسقط عنهم صفة الأخوة الإنسانية.. وعلمني أن الإصلاح واجب بين الفئتين من المؤمنين ولو اقتتلتا، فما أسقط عنهما صفة الإيمان ولا الأخوة في العقيدة.
وعلمني العمل من أجل كل حق من الحقوق وحرية من الحريات ومكسب مشروع من المكاسب، أن يكون الخطاب عاما لجنس الإنسان كما هو في القرآن الكريم، فأقول أيها الإنسان، يا بني آدم، أيها الناس.. وليس في القرآن الكريم تناقض، ولن نكون ممن جعلوا الكتاب عضين، فأخذوا ببعضه وتركوا بعضه، ولن نكون ممن قالوا ليس علينا في الأميين سبيل.
أيها السوريون..
إن وحدتكم الوطنية فرض إسلامي، وواجب عروبي، وضرورة من ضرورات المصلحة العليا، وحاجة لا غنى عنها ونحن نرى كيف يتكتل الناس في بلاد أكبر وأثرى وأقوى عدة وعددا، وهي أيضا شرط من شروط اجتماعكم وتكامل جهودكم في مواجهة أخطار تحيط بكم، من داخل أرضكم، ومن خارج أرضكم، وشرط من شروط البناء الذي تتطلعون إليه بعد تقويض استبداد فاسد مزق بلادكم إربا، وشوّه النسيج الشعبي الجامع لكم بجميع ألوانه وخيوطه.
أيها السوريون في كتائبكم المقاتلة طلبا لتحرير الشعب والوطن، وفي تجمعاتكم السياسية التي تبرر وجودها بخدمة ثورة تحرير الشعب والوطن، وفي اتحاداتكم وروابطكم الإغاثية والطبية والحقوقية والإعلامية.. التي يستحيل أن يكون انتماؤها للشعب والوطن انتماء صادقا دون أن تنطلق من الوحدة الوطنية الجامعة للشعب كله على أرض وطنه كله.
أيها السوريون.. ليست الوحدة الوطنية شعارا يرفع وواقعا يناقضها.. وإلا أصبحت سلعة يتاجر بها من لا ينتمون لهذا الشعب وهذا الوطن.
إنها واقع قائم صنعته الحقب التاريخية الماضية على رقعة سورية الجغرافية، على مر ألوف السنين، وحاول النظام الأسدي الفاجر أن يختزلها تحت عناوين بعثية طائفية في بضعة عقود مرت على تسلّطه الدموي.. فإن كنتم صادقين في ثورتكم على هذا التسلّط الاستبدادي الفاسد، فالحذر الحذر من ممارسة سلوك يقلد ما صنع بكم وببلدكم إقصاء واستئصالا وإجراما.
إن كل سلاح يوجه إلى أي فرد سوى الذين يحاولون قهركم جميعا بالسلاح.. هو سلاح في يد لا ينتمي صاحبها إلى هذا الشعب وهذا الوطن حق الانتماء.
إن كل تبعية سياسية لقوة من القوى الخارجية على حساب الشعب والوطن وثورته البطولية ودماء شهداء وأنات معتقلين ومشردين ومصابين، هي سلوك سياسي يتناقض مع الوحدة الوطنية التي يدعيها جميعكم.. فلا تتناقضوا معها بأعمالكم..
إن كل صراع على التفاصيل بعيدا عن القواسم المشتركة والأهداف العاجلة، طعنة موجهة إلى مسار الثورة يحمل المتصارعون جميعا المسؤولية عنها وعن تأخير انتصار الثورة وما يعنيه ذلك من ضحايا ومعاناة.
أيها السوريون..
لقد عجز الأسديون رغم كل ما صنعوه آن يحولوا هذا الوطن إلى مزرعة أسدية مستقرة على الجرائم الهمجية، وعجزوا عن تحويل شعبنا إلى عبيد وإماء يخدمون فسادهم.. ولهذا قامت الثورة الشعبية، ولهذا ستنتصر، فمن أراد منكم أن يكون له شرف المشاركة في صناعة النصر، فليكن لونا من الألوان وخيطا من خيوط نسيج الوحدة الوطنية الشعبي، ولا يكونن إقصائيا فيقصي نفسه عن هذا النسيج، ثم لا يكون مصيره، آجلا أو عاجلا، إلا كمصير سواه ممن أخفق رغم القوة الهمجية التي استخدمها، والحلفاء الذين شاركوه في ارتكاب جرائمه.
أيها السوريون..
ليس في الوطن الواحد أكثرية وأقلية، بل شعب واحد، الأكثرية فيه أكثرية من يرعى سواه وحقوق سواه وحريات سواه، أكثر مما يصنع ذلك مع نفسه، والأقلية هي أقلية من ينكر على سواه ما يزعم لنفسه من حقوق وحريات، وأولئك هم الخاسرون.
أيها السوريون.. إن من يفصل بعمله نفسه عن الثورة ونسيجها الشعبي والوطني، هو الخاسر في الدنيا والآخرة، وليعلم أن الله سيأتي آنذاك بقوم غيرنا ثم لا يكونون أمثالنا، بل سيكونون ممن يستحقون النصر، بالإخلاص وبالعمل صفا كبنيان مرصوص، وكالجسد الواحد.. وآنذاك يتحقق النصر، وما النصر إلا من عند الله وهو القوي العزيز.
نبيل شبيب