مقالة – حماة تتحدّى الطغاة ٦/ ٧/ ٢٠١١م

حماة شاهد لا يُمارى على أن هذه الثورة الشعبية الأبية البطولية في سورية منتصرة لا محالة..

64

حماة.. عرين الأبطال وأرض الرجال الحقيقيين والنساء الخنساوات مع نهاية عهد أشباه الرجال وأشباه النساء..

حماة مدينة "الله أكبر" من هبل وعبّاد هبل.. وهي تزلزل أقدامهم وتروّع قلوبهم.. لو كانت لهم قلوب، وتصمّ آذانهم.. لو كانت لهم أسماع، وتزيغ أعينهم.. لو كانت لهم أبصار.

حماة شاهد لا يُمارى على أن هذه الثورة الشعبية الأبية البطولية في سورية منتصرة لا محالة..

إنّ ورثة مرتكبي الجريمة الكبرى في تاريخ حماة القديم والمعاصر، عام ١٩٨٢م، لم يتعلّموا أنّ الإجرام يصنع الثورة، أمّا أهل حماة الأباة الأشاوس فتعلّموا أنّ الإجرام لا يكفّ عن ارتكاب جرائمه، إرثا موروثا وتغوّلا ذاتيا، إلا بقهر مَن يرتكب الإجرام، فأقسموا يوم "اِرحل": لن تهدأ هذه الثورة حتى تسقط البقية الباقية ممّا كان يسمّى نظاما حاكما، وقد كان وما يزال عصابة تتسلّط.

. . .

لقد أسقطت حماة جميع ما تراكم من أكاذيب شيطانية هزلية دفعة واحدة، بخروج أهلها الأبرار عن بكرة أبيهم يردّدون "اِرحل"، حتى فقد الحاكم بأمره صوابه لمرأى الشعب الواحد المتوحّد وهدير الجمع الجماهيري المحتشد، فأشاح بعينيه المريضتين عن المشهد الذي أسقط الأكاذيب وأصحابها جميعا، بدلا من أن يلجأ إلى طبيب يداوي عينيه وإن عجز عن مداواة بصره وسمعه وقلبه.

لجأ مجدّدا إلى دباباته ليواجه أجساد الثوار في الشوارع والطرقات في حماة، كما صنع في مسلسل الإجرام من درعا حتى جسر الشغور.. ولن يحصد إلا تسارع سقوطه أمام السيل الجارف، سيل البطولات الأبية المتتابعة في هذه الثورة السلمية الشعبية في حماة وأخواتها..

لجأ مجدّدا إلى فرق الموت من شبيحته ليغتال الحياة في حماة.. ولن يخرج من حماة وأخواتها إلاّ وقد اغتال نفسه بنفسه..

. . .

حماة اليوم تعلنها مدوية.. لقد قصّر الموروث في تعليم الوارث، فلم يبصر بعينيه شيئا ممّا يدور في سورية الأبيّة وفي العالم حوله..

لم يدرك أنّه اليوم في عصر آخر، أمام شعب آخر، ويواجه ثورة شعبية كبرى..

درعا أطلقت الثورة من أعماق قلوب فتيتها الأبرار..

واللاذقية فرشت مع بانياس ودوما والمعضمية وسواها طريقَ الثورة بأجساد نسوتها وشبابها الأطهار..

وانتشرت الثورة في كل مدينة وقرية.. فتحوّلت جميعا إلى معاقل وساحات للثوار الأحرار..

وها هي نواعير حماة.. تتدفق فتكتب في جبين التاريخ في سورية أن قد حانت لحظة الانتصار..

لن تهدأ الثورة قبل أن يرسخ اليقين أن لن تقوم للقمع الإجرامي في أرض سورية قائمة، ولن يقرّ لمن يمارسه في أرض سورية قرار..

. . .

استشهدت حماة قبل ثلاثين سنة.. ولن تستشهد مرة أخرى

وانتصرت حماة عبر استشهادها قبل ثلاثين سنة.. واليوم تستكمل ملحمة انتصارها 

كل مدينة من مدن سورية وبلداتها اليوم حماة.. وكل شهيد من شهداء مدن سورية وبلداتها اليوم يكتب مع حماة سطرا آخر من سطور ملحمة الانتصار

في جمعة "اِرحل" غاب لساعات إجرام المجرمين من الشبيحة الحاكمين والمنفذين، فتحوّل أهل حماة جميعا إلى كتلة بشرية واحدة ثائرة في كل ساحة وشارع و"زنقة" تهتف بمن لا يبصر ولا يسمع ولا يريد أن يعقل: اِرحل! وسيرحل منصاعا راغما.. وستمضي سورية مع حلول يوم النصر على طريق النهوض والبناء، وتزيل ما خلّفته سنوات الاستبداد والإجرام من أنقاض.

ثورة حماة وأخواتها تعطي الدليل بعد الدليل على أن الشعوب لا تُقهر بالمذابح الجماعية، والتعذيب في المعتقلات، والتقتيل على رؤوس الأشهاد.. لا تقهر بالمراسيم والدبابات، وبتهليل جوقات التهليل والتقديس لمَن يغتال في أرض الوطن المقدّسات ويرتكب المحظورات والموبقات.

. . .

ثورة حماة وأخواتها اليوم شهادة دامغة.. على أن ثورة شعب سورية هي ثورة فلسطين ومن أجل فلسطين، من أجل جراح فلسطين والصومال، وجراح العراق وأفغانستان، وجراح الأمّة العربية والإسلامية في كل حلبة وميدان.. وجراح الإنسان، تنادي كل ذي وجدان: لا نامت أعين الجبناء!

لقد أعلنت حماة وأخواتها بصورة قاطعة:

لا يصلح مع الدبابات وشبيحتها كلام ولا حوار.. ومن أراد رؤية الدليل بأم عينيه فلينظر بعد جمعة "اِرحل" إلى حماة وأخواتها يوم جمعة "لا للحوار".

نبيل شبيب