قافية – يا شام رفقا

في الشام من أوصد أبواب الشام عن أهل الشام وأبنائها.. ومن أكره أهلها على فيافي التشريد عنها، ولن ينسوها.. حتى يعودوا إليها

61

كتب شاعر من شعراء الشام أبياتا عن الشام في منتدى أدبي هيّجت لواعج القلب والقلم فكانت هذه الأبيات

 
القَلْـبُ يَخْفِـقُ في ذِكْرِ الشَّآمِ هَوىً
وَالعَيْـنُ تَنْظُرُ عَنْ بُعْـدٍ وَتَنْكَسِـرُ

وَلِلشَّـريـدِ مَـآقٍ لَيْسَ يَمْلِـكُهـا
فَالدَّمْـعُ مِنْ بَرَدى يُرْوى فَيَنْهَمِـرُ

وَقَـدْ أَثَـرْتَ بِذِكْـرِ الشَّـامِ لَوْعَتَهُ
وَقَـدْ نَكَأْتَ جِراحـاً دونَها السُّـتُرُ

فَانْظُرْ لِنَبْضَةِ ذِكْـرِ الشَّـامِ في دَمِهِ
وَكَيْفَ يَنْسى؟.. أَيَنْسى روحَهُ بَشَـرُ

دارُ الطُّفـولَـةِ حُلْـمٌ في تَسَـهُّدِهِ
وَالعِطْرُ في غوطَةِ الفَيْحاءِ وَالشَّـجَرُ

وَهَذْرُ صَحْبِهِ في حَـيٍّ وَمَدْرَسَـةٍ
وَفي مَسامِعِـهِ أَصْـداءُ ما هَـذَروا

حَتَّى إِذا فـارَقَ الأَحْبـابَ وَدَّعَـهُ
دُعَـاءُ أُمٍّ تَعيـشُ الدَّهْـرَ تَصْطَبِـرُ

وَطَيْفُ دَمْـعٍ عَزيزٍ في عُيونِ أبٍ
يوصيـهِ أَلاَّ يَطولَ البُعْـدُ وَالسَّـفَرُ

وَأَنْ يَعيشَ عَزيـزاً شـامِخاً أَبَـداً
فَالشَّامُ أَرْضٌ بِهـا التَّاريخُ يَفْتَخِـرُ

حَقٌ عَلى عَبْـدِ رَبِّ العَرْشِ عِزَّتُهُ
ما دامَ لِلْحَـقِ والإِنْسانِ يَنْتَـصِـرُ

فَعاشَ في مَرْكَبِ الإيمـانِ مُغْتَرِبـاً
وَعاشَ في مَرْكَبِ الأَشْـواقِ يَنْتَظِـرُ

وَالمَوْتُ أَسْـرَعُ مِنْ حُلْـمٍ يُداعِبُـهُ
وَالمَـوْتُ حَـقٌّ إِذا ما قُـدِّرَ القَـدَرُ

لَمْ يُبْـقِ إِلاَّ حَنينـاً فـي أَضالِعِـهِ
لِلرَّاحِليـنَ وَقَـلْـبـاً كادَ يَنْفَـطِـرُ

يُغالِـبُ اليَأْسَ وَالأَحْـزانُ تَغْلِبُـهُ
يُجَـدِّدُ العَـزْمَ وَالآمـالُ تَنْـدَثِـرُ

يُحَرِّقُ الشَّوقَ وَالتَّشْـريدُ يُحْرِقُـهُ
في مَذْبَحِ الغُرْبَـةِ الحَمْراءِ لا يَـذَرُ

إِنْ يَغْـفُ  لَمْ تَغْـفُ أَفْكارٌ مُؤَرِّقَةٌ
أَوْ يَصْحُ عادَتْ لَهُ في صَحْوِهِ الفِكَرُ
َ
مَضى الشَّـبابُ وأبقى في تَشَـرُّدِهِ
زَحْفَ المَشيبِ عَلى الصّدْغَيْنِ يَعْتَذِرُ

كَمْ مِنْ حَبيبٍ قَضى في الشَّامِ يَذْكُرُهُ
كَأنَّمـا لَمْ يُفـارِقْ وَجْهَـهُ البَصَـرُ

كم مِنْ وَليـدٍ تَمَنَّـى  لَوْ يُعـانِقُـهُ
صاروا شَـباباً كَما تَرْوي لَهُ الصُّوَرُ

هُـمُ الأَحِبَّـةُ رَغْـمَ البُعْـدِ تَحْمِلُهُمْ
في مُقْلَتي دَمْعَةٌ في الشَّـوقِ تَنْصَهِرُ

مَنْ لي بِيَوْمٍ مَعَ الأَحْبابِ أحْضُـنُهُمْ
وَالشَّـامُ تَحْضُنُنا وَالشَّـمْسُ وَالقَمَرُ

نُلَمْـلِـمُ الدَّمْـعَ في شَلاَّلِ رَبْوَتِـنا
وَالورْدُ في الدَوْحِ يَكْسو وَجْهَهُ الخَفَرُ

نَهيـمُ فـي ذِكْرَياتٍ لَمْ تَـزَلْ مَعَنـا
أَمْ ضاعَ عِطْرُ الأَماني وَامَّحى الأَثَـرُ

نَسيرُ في غوطَةٍ غَنَّاءَ.. أَمْ تَعِـبَـتْ
فيها الخَمـائِلُ لِلْغُيَّـابِ تَنْتَـظِــرُ

هَلْ يَضْحَكُ الطَّيْـرُ لِلأزْهارِ مُغْتَبِطـاً
أَمْ أَنَّ ضِحْكَتَهُ اغْتيـلَتْ كَمـا الزَّهَرُ

كَالظِّلِّ وَالحُـبِّ وَالذِّكْرى بِبَلْدَتِـنـا
كَالمـاءِ في بَرَدى يَغْتالُهُ الحَجَــرُ

وَالنّبْعُ يَبْكي عَلى الشّطْآنِ مُرْتَعِشـاً
أَحْلامُهُ زَبَــدٌ يَـعْـلو وَيَنْكَسِـرُ


يا شامُ.. يا شامُ رِفْقاً بِالشَّـريدِ أَتى

بِالحُبِّ وَالدَّمْعِ وَالأَشْـجانِ يَعْتَمِـرُ

روحي بِأَرضِـكِ لَمْ تَبْـرَحْ تُقَبِّلُهـا
وَالقَلْبُ أَنْتِ وَأَنْتِ النَّبْضُ وَالوَطَـرُ

تَهونُ في غُرْبَتي الدُّنْيـا وَما حَمَلَتْ
إِلاّ ثَرى الشَّامِ مَثْوىً إِنْ مَضى العُمُرُ

نبيل شبيب